حل شهر رمضان المبارك وحلت معه مظاهر الخير والبركة والاجواء الايمانية المفعمة بتهذيب النفس وإسعادها بطاعة لله تعالى واعمال الخير . وحلت اجواء الفرح والانس والمحبة والليالي الرمضانية الجميلة المتميزة التي تبقى عالقة بالاذهان تحمل الذكريات العطرة التي تنمو وتكبر معنا .
هذا هو الوجه الحقيقي للشهر الفضيل الذي ينتظره الناس بمختلف مستوياتهم المعيشية وقدراتهم المادية ، لكن لايختلفون بالفرح والاستمتاع بايامه ولياليه الجميلة .
لكن هناك وجها آخر تزامن مع حلول هذا الشهر المبارك ، وجه السوق وحمى الاسعار وتأثير ذلك على القدرة الشرائية للمواطن سواء في محافظات العراق الجنوبية والوسطى واقليم كردستان .
والمتتبع لحال السوق يلاحظ ان الاسعار سجلت ، قبل حلول رمضان ، تصاعدا تدريجيا فقد سجلت اللحوم والدواجن والاسماك قفزات تصاعدية مما شكل عبئا على العائلة العراقية إذ لا تخلو المائدة العراقية من احدى هذه المواد على أقل تقدير .
ورغم ان مشكلة إرتفاع الأسعار في رمضان تعد من شبه ( المسلمات ) التي اعتاد عليها المواطن مع إرتفاع الطلب على شراء للحوم والمواد الاخرى ، لكن أصحاب محلات اللحوم ( الجزارين ) يعللون ارتفاعها في معادلة يشكل فيها المواطن الطرف الخاسر بذلك التعليل الذي ينحصر بارتفاع أسعار الاعلاف المستوردة في حين هناك دوائر تختص بالثروة الحيوانية وماشابه ذلك .
وفي محافظة ميسان شهدت الأسواق المحلية توافدا كبيرا للتبضع والتحضير للشهر الفضيل ، فارتفعت الأسعار والتكاليف بصورة غير مسبوقة مما حدا بالمواطن ان يكون متفرجاً لا متبضعاً وغدت الأسواق خالية من الزبائن الذي اعتادوا التبضع كل رمضان واصبحت المخازن والأسواق ممتلئة بالبضائع والحاجات امام الارتفاع الجنوني للأسعار.
تباين في الآراء ..والنتيجة واحدة
وبينما يوجه الفقراء أصابع الاتهام إلى تجار السوق ويقولون أنهم السبب بهذا الارتفاع ، يقول المختصون بالاقتصاد ، ان عدم استقرار سعر صرف الدولار مهد إلى حالة الارتفاع في الأسعار مما أدى إلى ضرب الطبقات الهشة والفقيرة .
ابو حازم ( تاجر ) يقول : إن أغلب تجار المواد الغذائية في السوق كانوا يهيئون المواد الغذائية واحتياجات العوائل بانتظار هذا الشهر الفضيل لنشاط الحركة التجارية فيه حيث تزداد مبيعاتنا في هذا الشهر . وكان التعامل مع المواطنين المتسوقين له خصوصية وطعم خاص لاسيما وان السوق يكتظ بالمتبضعين . اما هذا العام فاغلب التجار ينتابهم القلق من تذبذب الدولار وارتفاعه او انخفاضه وهذا مايتسبب في التضارب بالعرض والطلب وربما يؤدي إلى خسائر مادية للتجار.
( تاجر اخر لم يكشف عن اسمه ) يقول : إن معدل إرتفاع الأسعار في السوق بالنسبة للمواد الغذائية بلغ اكثر من ٢٠ % وذلك بسبب إرتفاع الدولار أيضا.. تذبذب استقرار الدولار ضرب خاصرة السوق وجعل الحيرة تتقافز بين تاجر يتجنب الخسارة ومواطن لاحول له ولاقوة .
ابو علي موظف ( ٥٣ سنة ) يقول :" اطالب الحكومة والاجهزة الرقابية بتشديدها على متابعة استقرار الأسعار ومحاسبة المتلاعبين بها وضرورة توحيدها من اجل تمكين المواطن من التبضع بما يكفيه دون وضعه تحت طائلة الحيرة ، لاسيما وان هناك عوائل تعيش تحت خط الفقر وهناك مواد غذائية ارتفعت بنسبة ٥٠ % من سعرها قبل شهر رمضان .
أم أحمد ( ربة منزل ٣٣ سنة ) تقول : الظرف الاقتصادي الصعب دفع أغلب العوائل العراقية للبحث عن البدائل في المواد الغذائية على المائدة بمواد بسيطة رخيصة الثمن للتمكن من تمشية الحال ، فضلا عن عدم إقامة الولائم الرمضانية العائلية والتي اعتادت عليها أغلب العوائل العراقية بسبب ارتفاع اسعار المواد الغذائية .
التجارة تتدخل
بين حدة حمى الاسعار و( تجمد) الأسعار ، تظهر وزارة التجارة بمبادرة افتتاح المنافذ التسويقية في بغداد والمحافظات . وكانت الوزارة قد اعلنت عنها في وقت سابق لغرض تجهيز المواطن بالمواد الأساسية وإرسال فرق رقابة متعددة لمتابعة عملها ، وإرسال فرق اخرى لمراقبة ومتابعة أسعار الأسواق المحلية ، فيما مضت بفتح المنافذ التسويقية بهدف توفير المواد التي يحتاجها المواطن بأسعار مدعومة مع الاستمرار بتوزيع السلة الغذائية.
ومع اختلاف آراء البعض واختلاق المبررات من البعض الآخر واتهامات آخرين ، تبقى هناك حقيقتان .. الاولى هي ان الاسعار ظلت مرتفعة ولم تلتفت لحال الفقراء مع كل المحاولات و الحلول المطروحة ، والحقيقة الثانية هي ان غياب ثقافة الاستهلاك الامثل ، والأقبال المفرط على التبضع في شهر رمضان، من الاسباب المهمة في إرتفاع الأسعار وفقا لمبدأ العرض والطلب ./ انتهى س
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليغرام