جاء ذلك في تصريحات أدلى بها للصحفيين الليلة الماضية عقب الاجتماع الوزاري المخصص للتطورات في غزة، الذي عُقد في إسطنبول بمشاركة وزراء من إندونيسيا وباكستان وقطر والسعودية والإمارات والأردن.
وأشار فيدان إلى أن الاجتماع الذي عُقد في نيويورك بشأن غزة، في أيلول الماضي بمشاركة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أطلق مسارا جديدا.
واضاف : "عقب ذلك، اكتسب الأمل بالسلام الذي ظهر في قمة شرم الشيخ دعما عالميا واسعا. وبموجب الاتفاق الذي تم التوصل إليه، بدأت عمليات تبادل الرهائن والمعتقلين، ودخول المساعدات الإنسانية، كما انسحبت القوات الإسرائيلية في المرحلة الأولى إلى الخط المحدد مسبقا، وبدأت عودة المواطنين إلى شمال قطاع غزة".
وأوضح فيدان أن هناك مشكلات في التطبيق الكامل للاتفاق، مؤكدا أن إسرائيل تواصل انتهاك وقف إطلاق النار بشكل ممنهج، وتمنع وصول المساعدات الإنسانية إلى المستوى المطلوب.
وقال وزير الخارجية التركي : "وصلنا إلى مرحلة شديدة الحساسية. الدول المشاركة في اجتماع اليوم تتفق على موقف واحد: لا نريد أن تُستأنف الإبادة الجماعية في غزة، وندعم بشكل كامل استمرار وقف إطلاق النار، واتخاذ خطوات نحو إقامة سلام دائم على أساس حل الدولتين".
وشدد فيدان على أن تركيا مستعدة للقيام بما يقع على عاتقها في هذا الإطار.
واضاف : "يجب على المجتمع الدولي الاستمرار في الضغط على إسرائيل. فمنذ إعلان وقف إطلاق النار، قتلت إسرائيل نحو 250 من سكان غزة. يجب أن تتوقف هذه الهجمات التي تهدف إلى استفزاز الفلسطينيين في أسرع وقت ممكن".
وتابع: "كما أن إسرائيل لا تقوم بواجبها فيما يتعلق بإدخال المساعدات الإنسانية، إذ ينص الاتفاق على السماح يوميا بدخول 600 شاحنة مساعدات إنسانية و50 صهريج وقود، لكننا بصراحة لا نرى أن هذه الكميات تصل فعلا إلى القطاع"، مبينا أن سياسة إسرائيل تتسبب بتكدس المساعدات داخل المستودعات أو على الشاحنات.
وأشار الوزير إلى أن الاجتماع تناول أيضا الترتيبات المتعلقة بإدارة غزة وأمنها.
وقال فيدان : "إن حركة حماس مستعدة لتسليم إدارة غزة إلى لجنة تتشكل من الفلسطينيين. وكلما ضمنت هذه الترتيبات حقوق الشعب الفلسطيني، أصبحت أكثر قدرة على الصمود أمام الزمن والاستفزازات مشيرا الى أن المباحثات تناولت أيضا المهام والتشكيلة المتوقعة لقوة الاستقرار الدولية المزمع إنشاؤها في الأيام المقبلة.
وأكمل: "نتفق جميعا على أن هذا المسار يجب أن يُدار بتنسيق بين الوسطاء والطرف الفلسطيني. كما تبادلنا اليوم وجهات النظر حول جهود إعادة الإعمار وإعادة الاستقرار في غزة. ونولي أهمية كبيرة للتنسيق الدولي في هذا المجال (..) يجب اتخاذ خطوات ملموسة وسريعة".
وذكر فيدان أن نهوض غزة من جديد يعني أيضا عودة الأمل والإيمان بالمستقبل لدى الشعب الفلسطيني.
واستطرد: "كدول مشاركة، سنتابع هذا الموضوع عن كثب، ونأمل أن تؤدي جهود المصالحة الفلسطينية إلى نتائج إيجابية قريبا. فالوحدة الفلسطينية ستعزز من تمثيل فلسطين أمام المجتمع الدولي".
وأكد فيدان أن الشرق الأوسط واجه أزمات عديدة في الماضي، لكنه كان دائما منطقة قادرة على إنتاج السلام والاستقرار.
وأشار إلى أن الدول السبع التي اجتمعت اليوم لديها إحساس مشترك بالمسؤولية، مضيفا: "نوجه من هنا رسالة واضحة: لا حاجة لاختلاق ذرائع أو مبررات واهية لتعطيل المسار".
وشدد على ضرورة "عدم السماح بأي عمل يعرقل وقف إطلاق النار أو يقوّض السلام. يجب أن تجد الإرادة التي أظهرها الفلسطينيون صداها، وأن يُصان المسار المؤدي إلى السلام. هذا الطريق يتطلب الصبر والعزيمة، ونحن كدول تتحلى بهذه القيم سنواصل السير فيه".
وردا على سؤال حول تشكيل "قوة الاستقرار الدولية" بغزة، قال: "تُجرى حاليا مباحثات ودراسات متعددة، والموضوع الأساسي الذي تؤكد عليه الدول هو إنشاء قوة تستمد شرعيتها من قرار يصدر عن مجلس الأمن الدولي، يحدد مهامها وإطار عملها".
وأوضح أن الدول ستتخذ قرارها بشأن إرسال قواتها وفقا لطبيعة مهام القوة وصلاحياتها.
وأضاف: "الدول التي تحاورنا معها أوضحت أنها ستقرر إرسال قوات من عدمه بناء على مضمون التعريف، إذا كان تعريف مهام قوة الاستقرار الدولية يتعارض مع مبادئ الدول وسياساتها، فأعتقد أنه سيكون من الصعب عليها إرسال قوات".
وأشار إلى أن تركيا كانت من بين الدول الأربع التي وقعت خطة وقف إطلاق النار في شرم الشيخ، وتابع: "هذا يوضح بجلاء أننا مستعدون لتحمل المسؤولية من أجل السلام، ومستعدون لبذل كل التضحيات، بشرط أن تكون الوثائق والإطارات التي ستُطرح متوافقة مع مواقفنا وداعمة للسلام".
وحول الإدارة المزمع إنشاؤها في غزة ضمن إطار خطة السلام قال فيدان: "بغض النظر عن كل الوثائق والمبادرات، فإن تعريف القضية الفلسطينية المُستقر والمقبول منذ سنوات، يجب أن يبقى ثابتا".
وأضاف: "في نهاية المطاف، فإن دولة فلسطينية ضمن حدود العام 1967، وتطبيق حل الدولتين، هما التعريف الذي عُرّف به القضية الفلسطينية من منظور القانون الدولي والممارسة العملية".
وأشار إلى أن إسرائيل لم توافق أبدا على هذا الرأي، وليس لديها أي نية للقيام بذلك، مؤكدا أن الأغلبية الساحقة من المجتمع الدولي، بما في ذلك تركيا، قبلت هذا الرأي.
وأكد أن وضع حد للجرائم ضد الإنسانية في غزة وضمان استمرار وقف إطلاق النار هما من أهم أولويات أنقرة.
ولفت إلى ضرورة إعادة الإعمار وعودة المواطنين في غزة إلى ديارهم، مضيفا: "لا أحد يرغب في رؤية نظام وصاية جديد ينشأ في ظل هذه الظروف، نرى أن الخطوات المتخذة لضمان إعادة الإعمار والسلام والأمن في غزة قد أثارت مخاوف الدول بشأن إمكانية حدوث ذلك".
وردا على سؤال حول المحادثات المتعلقة بقرار مجلس الأمن بشأن نشر قوة استقرار دولية في غزة وولايتها، قال فيدان إن العمل جارٍ على القضية.
وتابع: "خلال هذه العملية، يجب أولاً التوصل إلى توافق عام على مسودة قرار، ثم اعتمادها من قِبل مجلس الأمن دون استخدام سلطة النقض (الفيتو) من قِبل الأعضاء الدائمين".
وأوضح أن تركيا والدول الشريكة تواصل عملها في كل مرحلة من مراحل العملية.
وحول كيفية تشكيل نهج الحكم في غزة ووجهات نظر المجتمع الدولي حيال هذه القضية، قال فيدان: "المبدأ الذي نتبناه هو أن يحكم الفلسطينيون أنفسهم، وأن يضمنوا أمنهم"./انتهى
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليغرام