و تتركز هذه الصراعات حول محورين رئيسين: التنافس على كسب الناخبين، والتحضيرات المبكرة لتشكيل تحالفات ما بعد الانتخاب بهدف تشكيل الحكومة القادمة واختيار رئيس الوزراء.
احتدام الصراع الانتخابي بين الكتل السياسية
لم يعد الصراع محصوراً بين "ائتلاف دولة القانون" بزعامة نوري المالكي ، وائتلاف الاعمار والتمنية بزعامة محمد شياع السوداني ، وتحالف "تقدم" بزعامة محمد الحلبوسي ، فحسب، بل تداخلت التحالفات القديمة وظهرت تحالفات جديدة، ويمكن تلخيص ملامح الصراع كالتالي:
استقطاب الطائفتين الرئيستين
بعد ان تشكل "تحالف الإطار التنسيقي خلال الفترة الماضية وقام بتشكيل الحكومة الحالية ، انفردت عنه بعض الكتل السياسية قبل اجراء الانتخابات البرلمانية دخلت الانتخابات بقوائم منفردة ، لذا سيحاول "الإطار " الذي يضم كبرى الكتل الشيعية توحيد الصف بعد اجراء الانتخابات الحالية واستعادة الهيمنة على المشهد السياسي .
دور الكتل السنية والكردية
تشهد الساحة السنية تنافساً حاداً بين تحالف "تقدم" بقيادة محمد الحلبوسي وتحالف "السيادة" بقيادة خميس الخنجر، و"عزم" بقيادة مثنى السامرائي ،مما قد يؤدي إلى تفتيت الأصوات السنية.. و في إقليم كردستان، يستمر التنافس التاريخي بين الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني والاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة بافل طالباني، لكنهما قد يتوحدان في بغداد للتفاوض ككتلة كردية موحدة.
قضايا الحملات الانتخابية
تتركز خطابات الكتل على:
· محاربة الفساد: كل كتلة تتهم الأخرى بالفساد وتعد الناخبين بالإصلاح.
· تحسين الخدمات: الوضع الخدمي والاقتصادي الصعب هو السلاح الأكبر في الحملات.
· السيادة الوطنية وانسحاب القوات الأجنبية: قضية شعبية تتصدر الخطابات ، وخاصة الكتل الشيعية .
حظوظ محمد شياع السوداني لدورة ثانية
يبدو رئيس الوزراء الحالي، محمد شياع السوداني، في موقع قوي نسبياً للمطالبة بدورة ثانية، وذلك للأسباب التالية:
· نسبية الاستقرار، اذ تمكنت حكومته من تحقيق درجة من الاستقرار الأمني والسياسي مقارنة بفترات سابقة.
· مشاريع البنى التحتية، اذ يشهد العراق إطلاق عدد من المشاريع الخدمية والإعمارية الكبيرة، مثل مشروع "التنمية الإقليمية" ومشاريع الإسكان والطاقة والكهرباء .
· توزيع الأداء: ويُنظر إليه على أنه شخصية توافقية مقبولة من معظم الأطراف الشيعية وكذلك الكردية والسنية، مما يجعله مرشحاً توافقياً يخفف من حدة الصراع.
· دعم بعض قوى تحالف "الإطار التنسيقي ": اذيحظى السوداني بدعم واضح من اغلب قوى الاطار التنسيقي ، الذي يسعى لإبقاء المنصب في إطار تحالفه.
التحديات التي تواجهه
· انتقادات بطء وتيرة الإصلاحات الاقتصادية ومكافحة الفساد بشكل جذري.و التحديات الاقتصادية الناتجة عن تقلبات أسعار النفط لا تزال قائمة.و المنافسة المحتملة، اذ انه في حال فشل تحالف "الإطار الوطني" في تحقيق فوز ساحق، قد تظهر ترشيحات أخرى من داخل التحالف نفسه أو من كتل أخرى.
وبالتالي حظوظ السوداني للدورة الثانية مرتفعة بشكل كبير في الوقت الحالي، ويعتبر المرشح الأوفر حظاً، لكن ذلك مرهون بنجاح تحالف "الإطار الوطني" في الانتخابات.
حضور نوري المالكي ودوره المحوري
ما يزال نوري المالكي، زعيم "ائتلاف دولة القانون"رئيس الوزراء الأسبق ، لاعباً أساسياً لا يمكن تجاوزه في المعادلة السياسية:
فالمالكي احد الأعمدة الرئيسة في "تحالف الإطار التنسيقي " وأحد مهندسيه ودوره حاسم في جمع الكتل الشيعية تحت مظلة واحدة.
اضافة الى الطموح الشخصي، فيُشاع أن المالكي يطمح بنفسه لمنصب رئاسة الوزراء، مما يخلق منافسة خفية داخل "الإطار الوطني" نفسه، على الرغم من معرفته بصعوبة المرحلة المقبلة .
فضلا عن تمتع المالكي بخبرة سياسية طويلة وشبكة علاقات داخلية وإقليمية تجعل منه لاعباً قوياً في عملية التفاوض على تشكيل الحكومة، سواء كان رئيساً للوزراء أو "صانع ملوك".
توقع اعداد المقاعد لكل كتلة سياسية
من المبكر جداً إعطاء أرقام دقيقة، ولكن يمكن استقراء توزيع مقاعد البرلمان بناءً على المعطيات الحالية:
تحالف الإطار التنسيقي شيعي 90 - 120 مقعداً الكتلة الأضخم، يجمع أطيافاً شيعية متعددة. نجاحه مرهون بوحدته.
تحالف "تقدم" سني بقيادة الحلبوسي 35 - 50 مقعداً الكتلة السنية الأبرز، لكنه يواجه منافسة شرسة من الداخل السني.
تحالف "السيادة" سني بقيادة الخنجر 15 - 25 مقعداً منافس قوي على الناخب السني، قد يقلل من حصة "تقدم".
الحزب الديمقراطي الكردستاني كردي 30 - 40 مقعداً الكتلة الكردية التقليدية الأقوى، خاصة في دهوك وأربيل.
الاتحاد الوطني الكردستاني كردي 15 - 25 مقعداً ،القوة الكردية الرئيسة المنافسة، قوته في السليمانية ومناطق أخرى.
كتل أخرى (مسيحية، تركمانية، مستقلة) متنوع 15 - 25 مقعداً ..هذه الكتل ستكون حاسمة في تشكيل أغلبية الحكومة.
وفي الختام فان المشهد العراقي يشهد مرحلة تحول محورية. الصراع الحالي هو صراع على الهيمنة داخل المكون الشيعي أولاً، وعلى تمثيل المكونين السني والكردي ثانياً ، و نجاح أي كتلة في تشكيل الحكومة لن يعتمد على عدد مقاعدها فقط، بل على قدرتها على بناء تحالفات واسعة ومتقاطعة الطوائف .
و في ما يبدو فان محمد شياع السوداني المرشح الأقوى لقيادة الحكومة المقبلة، لكن طموحات نوري المالكي ، وتوحد الكتل السنية والكردية ستكون العوامل الحاسمة في رسم صورة العراق السياسية للسنوات القادمة ./انتهى9
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليغرام