وقال المسؤولون في جناح الاطفال انها ليست الحالة الوحيدة التي تستقبلها المستشفى لكنها الاكثر ايلاما ، فهناك العديد من الاطفال الذين يتركهم ذووهم ويتخلون عنهم بعد ولادتهم فينقلهم من يعثر عليهم الى المستشفيات لتطلق عليهم اسماء يقترحها العاملون في المستشفى وتظل اسماؤهم منفردة بلا اسم لأب او لقب وهو اكبر عبء يحمله الطفل منذ ولادته ويرافقه طوال عمره رغم ان المستشفيات اختارت لهؤلاء الاطفال اسماء لاينتقص منها هي (كريم النسب ) لكن ذلك لايعوضهم عن اسم الأب ونسبه ، فهم ومهما تلقوا من مساعدات وعناية (مجهولو النسب ) ومصيرهم سيكون حتما الانتقال الى دور الايتام بعد بلوغهم عدة اشهر وبدء مشوارهم الحياتي العسير ..
حالة انسانية
من تلك المستشفى ومستشفيات اخرى صدرت نداءات من الممرضات اللواتي يصبحن امهات للاطفال مجهولي النسب طوال مكوثهم في المستشفى ومن الاطباء الذين يشرفون عليهم بضرورة تبني هؤلاء الاطفال من قبل العوائل التي لاتنجب اطفالا بهدف حمايتهم من مصير مجهول ومن صفة ( لقيط )التي قد تلتصق بهم وتجعل حياتهم اكثرتعقيدا ...
اسراء حاتم / موظفة تزوجت في سن متأخرة ولم تنجح في انجاب طفل لكنها لم تيأس من الحصول على طفل تقوم بتربيته لذا حاولت اقناع زوجها مرارا وتكرارا بتبني طفل لكنه كان يرفض تبني طفل مجهول النسب وحاول اقناع احد اقاربه الفقراء وعديدي الانجاب بمنحه طفلا ليقوم بتبنيه وتربيته لكنه اكتشف ان قانون التبني لايسمح له بمنح اسمه للطفل مادام والده الحقيقي موجودا وبالتالي فهو سيقوم بتربيته والانفاق عليه فقط ، كما ان زوجة قريبه رفضت التخلي عن طفلها حتى لو كان سيجد مكانا افضل ليعيش فيه ..
راوية هاشم / صحفية واجهت نفس المشكلة حين فكرت بتبني طفل واشباع غريزة الامومة لديها اذ اكتشفت ان موضوع التبني محرم اصلا فالطفل لايحظى بنسب او بميراث مادام ذووه على قيد الحياة ،رغم ان التبني – من وجهة نظرها – حالة انسانية ويمكن ان تنقذ العديد من الاطفال الايتام او مجهولو النسب من التشرد في الشوارع والضياع ومن ان يكونوا لقمة سائغة او فريسة سهلة لاصحاب النفوس الضعيفة الذين يمكن ان يقودوهم الى طرق الارهاب او الرذيلة ..
ابناء الدولة
يعتبر القانون العراقي الطفل الذي يتم ايداعه في دار الايتام (ابنا للدولة ) سواء اكان يتيما او مجهول النسب ، وفي الحالة الثانية يتم اختيار اسم ثلاثي له وتعد له اوراق رسمية ...
وترى المحامية والناشطة النسوية ازهار الشعرباف ان من الممكن تبني طفل من دور الايتام بعد ان يقدم احد الزوجين طلبا للتبني ويثبت ان الحالة الزوجية قائمة ولاتعتريها مشاكل ويعتمد بالطبع على الكشف الذي تقوم به المحكمة للتعرف على حالة الزوجين الاسرية وقدرتهما المالية وسلامتهما العقلية لضمان عدم الحاق أي ضرر بالطفل ..وبعد الموافقة على التبني وضم الطفل للأسرة ، تبقى الاسرة تحت المراقبة من قبل الباحثة الاجتماعية لترى معيشة الطفل في الاسرة بعد ضمه اليهم ..
وتؤكد الشعرباف امكانية تسجيل الطفل مجهول الهوية باسم رب الاسرة بعد تقديم ضمان للطفل وفي حالة تعرض الطفل للضرر، يتم سحبه من الاسرة ..
اما بالنسبة للطفل اليتيم فلا يجوز تبنيه – حسب الشعرباف – لأنه معروف النسب حتى وان توفي احد والديه او كلاهما او تخلى عنه الاقارب واودع في دار الايتام فهو تابع لهم من ناحية النسب ،وبالتالي فمن غير الممكن تسجيله بأسم شخص آخر ...
الباحثة الاجتماعية ( ليلى حسن ) التي تعمل في دار للايتام في منطقة الوزيرية تتألم لحالة الاطفال مجهولو النسب فهم يجهلون مصيرهم واذا لم يجدوا من يتبناهم فسوف يقضون سنوات طويلة في الملاجيء حتى يتمكنوا من مغادرتها الى ساحات الدراسة او العمل وحتى ذلك الوقت فكل الممرضات في المستشفى والعاملات في دور الايتام هن بمثابة امهات لهم لكنهم يجهلون والديهم الحقيقيين وهذا أمرمؤلم بالنسبة لهم ويمكن ان يلاحقهم طوال الحياة ..
وتضيف انه من الممكن تبني هؤلاء الاطفال عن طريق دور الايتام وفق قانون الرعاية الاجتماعية المرقم 39 على ان يكون الطفل مجهول النسب ونقوم نحن احيانا بترشيحه ثم تاتي العائلة ويتم تسليمها الطفل اذا توفرت الشروط القانونية ، وفق قرار المحكمة الخاصة بذلك ..
وتقول حسن ان المستشفيات تحيل الاطفال مجهولي النسب او ( كريمي النسب )كما يطلق عليهم حاليا الى ملاجيء الايتام فيقوم الملجأ بالاعلان عن فقدانهم من خلال وسائل الاعلام واذا لم يعرف لهم اهل يقوم الملجأ بتحديد عمر واختيار اسم ثلاثي لهم فضلا عن اصدار هوية الاحوال المدنية ليستطيع الطفل مواصلة حياته بشكل طبيعي ..
نظرة المجتمع
عن نظرة المجتمع لموضوع التبني ، يرى الباحث الاجتماعي سجاد العتابي من وزارة العدل ان قانون التبني مازال ساري المفعول من ناحية التشريع القانوني ، اما بالنسبة للمجتمع ونظرة الناس للتبني وبالاخص الاطفال اللقطاء ، فان المجتمع العراقي عموما متشدد في مسألة التبني.
ويقول ان حالات التبني الاعتيادية محدودة جدا ونادرة الوقوع لعدم تقبل العراقيين لهذه الظاهرة واغلب حالات التبني وهي قليلة نسبيا تحدث بين الاقرباء وخصوصا الاشقاء وابناء العمومة ، اما اولاد السفاح كما يصطلح على تسميتهم فأن امر تبنيهم مستهجن ويكاد ان يكون معدوم.
ويتابع انه ولعدم تقبل الاسرة العراقية ذلك لصعوبة نظرة المجتمع الى الفرد اللقيط عموما فمسألة التبني في العراق ليست ظاهرة شائعة ..ثم ان غالبية الاطفال المشردين او المودعين في مؤسسات الدولة ودور الايتام هم اطفال غير شرعيين وتعتمد مسألة تبنيهم على تسجيل اسمائهم باسم الشخص المتبني ..
ويرى الشيخ (غسان محمود ) ان الدين الاسلامي لايرفض موضوع التبني بالنسبة للاطفال مجهولي النسب على اعتبار انه يضمن كفالة طفل وتسجيله باسم المتبني واستحقاقه الميراث مادام ذلك يتم بموافقة المتبنى ، اما اذا كان الطفل معروف النسب فعلى المتبني ان يبين للآخرين والمجتمع ان هذا الطفل متبن وليس طفله من صلبه طبقا للقاعدة الفقهية (وادعوهم لآبائهم ) فعليه الا يدعي ابدا انه ابوه وينسبه لاهله الحقيقيين مادام الطفل معروف النسب ..
ويشدد الناشط المدني محمود عبد الستارعلى ضرورة تشريع قانون التبني واجازته من قبل الحكومة لحماية اطفال العراق من التشرد او تجنيدهم للارهاب بعد ان بلغ عدد ايتام العراق اكثر من اربعة ملايين طفل وطفلة ، خاصة وان عملية بيعهم في الخارج باتت معروفة وتسيء لتاريخ العراق وسمعته ،.
اما في مايخص الاطفال ( كريمي النسب ) فيدعو عبد الستار الى ضرورة تبنيهم لكسر الحاجز النفسي الذي سيقف بينهم وبين المجتمع مستقبلا والى توعية المجتمع خصوصا النساء عن طريق الاعلام وعقد الندوات لتجنب الوقوع في الخطأ الذي يجعل من هؤلاء الاطفال ضحية ابدية ./انتهى
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليغرام