ضرب الاطفال اذن هو قضية عالمية كما تؤكد الدراسات التربوية الحديثة ، فجميع الاهالي ، دون استثناء ، يضطرون في حالات عديدة الى ضرب اطفالهم ..واذا كان هذا هو الحال بالنسبة للأمهات الغربيات فماذا تقول الامهات العربيات والعراقيات خصوصا ، وماهو رأي التربويين والخبراء النفسيين ؟
يبدو ان بعض الآباء والامهات يعتمدون اسلوب القسوة والضرب في تربية أبنائهم اعتقادا منهم ان هذا الاسلوب هو الامثل ليتعلم الطفل الفرق بين الصواب والخطأ ، لكن الاهل يتجاهلون التأثير الضار والمدمر على نفسية الطفل ..
تقول نوال فاضل / ام لثلاثة اطفال : تعودنا منذالصغر على ان العصا تعتبر ناجحة في تأديب الصغار وهي العقاب الفوري والحل الامثل لردع الطفل عن اخطائه لأن التهديد والوعيد اللذين يطلقهما الاهل لمنع اطفالهم من ارتكاب خطأ ما لايؤديان الى نتيجة ايجابية ، وعندما كنا صغارا في السن ،كنا نضرب على اقل تصرف خاطئ لايرضى عنه اهلنا حتى لانكرر الفعل مرة اخرى ، وهذا الامر اثبت فاعليته معنا في اوقات عديدة ..اما الان ونحن في عصر الانترنت ومع التغييرات الكثيرة في المجتمع ، اصبح من الصعب علينا ان نستمر في تربية ابنائنا بنفس الطرق القديمة لخطورتها على نشأة الطفل ، ويلاحظ ان اكثر الاطفال لاينجح العقاب البدني ( الضرب ) في منعهم من ارتكاب الخطأ بل يزيد من عنادهم وتحديهم لآبائهم او الشخص الذي عاقبهم ".
واضافت :" اذا كنا لانستطيع تصور تربية اولادنا دون عقوبات واحتاج الامر لفرضها عليهم ، فمن واجبنا اتباع الوسائل التربوية الحديثة كالمنع وحرمان الطفل من ممارسة اشياء يحبها وهكذا ".
ويؤيد هذا الرأي المعلم علاء الزيدي بقوله :" (العصا لمن عصى ) ، العبارة التي كان يرددها المعلمون في زماننا باعتبارها الاداة الاكثر نفعا لتربية الاولاد ، لم تعد فاعلة في الوقت الحاضر مع التلاميذ في المدارس او الابناء في البيوت ".
وبين :" ان الضرب بغرض التأديب وقمع السلوك السيء وضبط الصفوف ، يعد المشكلة الرئيسة التي يعاني منها الطلاب في المدارس ، لكنه يجب ان يكون آخر وسيلة يمكن ان يلجأ لها المربون في حالة وجود خطأ من قبل الطالب ، لأن مجتمع المدرسة تربوي وهدفه الاول تخريج جيل متعلم لايعاني من العقد النفسية ، والفائدة التي يحققها العقاب بالضرب وقتية لاتقضي على نوازع الشر ، بل تقمع السلوك الظاهر فقط ".
عن هذه الظاهرة تقول الدكتورة أمل ابراهيم / استاذة الطب النفسي : لابد من التسليم مبدئيا بأن ضرب الام او الاب للطفل ليست غاية ولاعادة في حد ذاتها انما هي اداة اولا واخيرا ، وبطريقة اخرى يعتبر الضرب خطابا يحمل رسالة لانريد توجيهها الى الطفل لفعل شيء ما ، وهذه الرسالة تحمل اكثر من معنى ، المعنى الاول انني ارغب ان اختار لطفلي تصرفا معينا من بين اختيارات عدة باعتباره اصح التصرفات لذلك فالضرب يجب الا يتم عند حدوث أول خطأ ، وثانيا ، لابد ان يكون الضرب مقرونا بالحنان الى حد كبير ، بمعنى انني اريد للطفل بضربه مصلحة لي شخصيا وهو مايشعر به الطفل من تعبيرات وجهي وطريقة ضربي له ، ومدى قسوة الام وهي تضرب طفلها ..
ويقول علي العاملي / اخصائي تربية وعلم نفس : الاهم من كل ذلك الايهين الآباء اطفالهم اثناء تاديبهم والا يفعلوا ذلك امام الاخرين ويتجنبوا لطم الطفل على وجهه ، فهذه كلها خطوات تجعل الآباء يوصلون رسالتهم لأبنائهم دون ان تثير لدى الطفل شعورا غامضا بالرعب او ربما الكره الشديد للبيت وعائلته وخصوصا في سنوات طفولته الاولى .
ويضيف العاملي قائلا :" ان الاثار السيئة عمليا لضرب الاطفال خلاف القواعد السابقة هي الانطواء والعزلة عن المجتمع والفصام والوسواس والتضارب في الاحاسيس والشعور ، بالانهزامية وقلة الحيلة ..بينما التقليل من العقاب بالضرب ومراعاة كثير من شروطه يحققان بالفعل الشخصية السوية للطفل وينقذانه من حالة اللاتوازن في حالة معاقبته على كل شيء يصدر منه او تركه بلا عقوبة رادعة ".
وتشير الدكتورة فاتن الجراح استاذة مسرح الطفل الى دور الثقافة والوعي في حماية الأطفال من العنف لأن نشر الوعي المضاد يؤمن خروج جيل صحي الى المجتمع فضلا عن الاهتمام بالتعليم ، مطالبة بتفعيل قانون حماية الطفولة الذي يحتاج الى تبني حقيقي من قبل وزارة العدل وهيئة رعاية الطفولة بالتعاون مع وزارة الثقافة لما للثقافة والفن من دور كبير في معالجة الاطفال من الصدمات التي يخلفها العنف ./انتهى
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليغرام