تنتمي هذه الحادثة الى صنف جرائم الاتجار بالبشر التي تتضمن استغلال الفتيات في اعمال الدعارة او بيعهن الى دول أخرى واستغلال الاطفال لاغراض التسول او تجارة الاعضاء البشرية فضلا عن اعمال السخرة او العمل القسري او الاسترقاق او لاغراض التجارب الطبية ..وقد اظهرت الاحصائيات تزايد هذه الجرائم في العراق في السنوات الاخيرة لدرجة تحولها الى ظاهرة مرعبة ، الامر الذي قاد الى اقرار قانون مكافحة الاتجار بالبشر رقم 28 في عام 2012 ، فهل أدى القانون الغرض منه ؟
جريمة لاأخلاقية
يرى طارق خلف / متقاعد ان هذه الظاهرة لاأخلاقية ولاانسانية وكل من يعمل فيها معدوم الضمير لأن الله قد خلق الانسان في احسن تقويم والمفروض ألا يتم استقطاع عضو منه رغما عنه لأن الشريعة الاسلامية حرمت ذلك ..
ويطالب حسين عبد الهادي / مدرس بوضع حلول وضوابط لمواجهة هذه الظاهرة حتى في حالة بيع الفرد لاعضائه لأن الهبة لاتعدو كونها تجارة ولأن سوقها رائج في السنوات الاخيرة فهو يدعو وزارة الداخلية بالتنسيق مع وزارة الصحة الى وضع تشريعات وضوابط رادعة للحد منها ..
أما المحامي خالد صبري فيؤكد وجود حالات بيع لنساء عراقيات بعد اختطافهن او هروبهن من اسرهن ووقوعهن في براثن العصابات المتخصصة في هذا المجال ، ويتراوح سعر المرأة مابين 1000-3000دولار وقد يصل الى 10000دولار احيانا اذا كانت جميلة جدا ، وفي هذا امتهان كبير لكرامة المرأة العراقية خاصة وان اغلب النساء تباع لدول اخرى ويتم تزوير مستمسكات رسمية لهن لتهريبهن عن طريق السماسرة ، مشيرا الى ان قانون مكافحة الاتجار بالبشر حدد العقوبات من الحبس المؤقت الى المؤبد او الاعدام في حالة وفاة الضحية التي يجري المتاجرة باعضائها البشرية ، ويعرف القانون هذه الجريمة بأنها تجنيد اشخاص او نقلهم او ايوائهم بواسطة التهديد بالقوة او اي شكل من اشكال القسر او الاختطاف او الاحتيال او الخداع او استغلال السلطة او باعطاء او تلقي مبالغ مالية او مزايا لنيل موافقة شخص له سلطة او ولاية على شخص آخر بهدف بيعهم او استغلالهم في اعمال الدعارة او التسول او المتاجرة باعضائهم البشرية ..
عقوبات غير كافية
وكشف المرصد العراقي لضحايا الاتجار بالبشر عن ارقام صادمة تتعلق بشبكات وجرائم شهدها العراق ، اذ تم اكتشاف 62 شبكة اتجار بالبشر خلال تسعة اشهر فقط تتنوع مابين الاستغلال الجنسي والسخرة والعمل القسري والاسترقاق واستئصال الاعضاء والانسجة البشرية ، .
ودعا المرصد الحكومة العراقية الى اطلاق مبادرة تشترك فيها المنظمات المحلية والعربية والدولية المختصة لتدريب الشرطة والقضاة والمسؤولين في قطاع العمل على كيفية التصدي لهذه الظاهرة ، مشددا على تطبيق قانون مكافحة الاتجار بالبشر والذي تنص بنوده على تكفل الدولة برعاية ضحايا الاتجار بالبشر صحيا وتعليميا واجتماعيا واعادة تأهيلهم ودمجهم في المجتمع وتأمين اعادتهم الى بلدانهم الاصلية اذا كانوا من الاجانب ..
ويركز المقدم عمر السامرائي من مديرية الشرطة المجتمعية على دور الاهل والام خصوصا في متابعة ابنائهم وعدم التستر على أخطائهم لأننا في عصر التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي التي يمكن ان تقود الى توريط الابناء في أخطاء كبيرة وتهديدهم بنشر خصوصياتهم وبالتالي قد يجدون انفسهم ضحايا لعصابات تتحكم بمصيرهم بعد ان تدفع الفتيات الى الهرب من منازلهن ثم يجري بيعهن ، مشيرا الى وجود حالات تسرب من المدارس خلال الدوام الرسمي تقضيها الفتيات في أماكن مجهولة مايدعو الاهل الى مراقبة سلوك ابنائهم واخلاقيات اصدقائهم والتعاون مع ادارات المدارس لمعالجة اخطائهم ..
من جهته ، يرى الباحث القانوني عدنان سلمان ان تشريع قانون مكافحة الاتجار بالبشر من قبل البرلمان العراقي ليس كافيا لأنه لم يلزم وزارة الداخلية بدعم كبير لهذا القانون ،كما انه لايوفر ارضية مناسبة لمكافحة اسباب الجريمة اقتصاديا بل اكتفى بوضع تعريفات وعقوبات غير كافية ، مشيرا الى وجود اسباب كثيرة لانتشار الاتجار بالبشر منها الافلات من العقاب ووجود سماسرة يمتهنون هذه التجارة واسباب اخرى اقتصادية ضاغطة ، لاسيما في بغداد التي تشير احصائيات مجلس القضاء الاعلى الى مجيئها في المرتبة الاولى في جرائم الاتجار بالبشر تليها محافظات اخرى مثل اربيل والسليمانية والديوانية وبابل ..
اما مدير مكافحة الاتجار بالبشر في مكافحة اجرام بغداد العميد علي عبد الرزاق فيشير الى ان هذه الجريمة صنفت في الدرجة الثالثة بين الجرائم الاكثر خطرا في العالم بعد المخدرات والاسلحة ، مشيرا الى تمكن المديرية من القاء القبض على العديد من العصابات ومتابعة القضايا عبر مكاتب التحقيق بعد مراقبة الحالات ورصدها عن طريق المفارز او تنفيذ القانون بناءا على ابلاغ او معلومة عن طريق الهواتف المخصصة لذلك او العمل الاستخباري ، ثم يتم احالة الحالات الى القضاء ليتم حسمها ..
من ناحيتها ، ترى الباحثة الاجتماعية والاكاديمية الدكتورة نضال العبادي ان الظرف الاجتماعي الذي يحيط بالاسرة العراقية مختل من الناحية الامنية والاقتصادية والسياسية مايدفع البعض الى سلوكيات غير محبذة لدى المجتمع العراقي ، مشيرة الى وجود خروقات كبيرة في الكادر الطبي المساعد في عمليات المتاجرة بالاعضاء ، كما ان مجتمعنا الشرقي يضطهد الفتيات احيانا وقد يواجهن عنفا اسريا يجبرهن على الهروب وخوض تجارب سيئة تنتهي بالمتاجرة بهن ..وتؤكد العبادي على انتشار الظاهرة مؤخرا بسبب الضعف الامني والحدود المفتوحة بل ان القبض على العصابات لايعني اتخاذ اجراءات رادعة بحقهم ففي العديد من الحالات يتم التعرف على العصابات ثم اطلاق سراحهم واذن هنالك قانون ولكن يوجد ضعف في تطبيقه ولايوجد خوف منه لعدم تطبيق العقوبات الرادعة بحق المتاجرين والمهربين والسماسرة ./انتهى
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليغرام