من هنا ، عمدت وزارة الثقافة والسياحة والاثار الى اصدار بيان تستهجن فيه قيام بعض القنوات الفضائية بالاساءة الى قيم وعادات المجتمع العراقي وتقديم صورة مشوهة للاسرة العراقية عبر اعمالها الدرامية مطالبة الجهات المختصة باتخاذ دورها الرقابي في منع عرض الاعمال الهابطة ومحاسبة المسيئين والمخالفين ومؤكدة على استعدادها للتعاون مع المسؤولين عن القنوات الفضائية وهيئة البث والاتصالات لفحص النصوص الدرامية من خلال كوادرها المتخصصة قبل تنفيذها ..
من جهتها ، أبدت قناة الشرقية اسفها وقدمت اعتذارا رسميا عن ظهور بعض المشاهد غير المناسبة ، مشيرة الى ان دائرة الانتاج قامت بحذف تلك اللقطات وتعهدت بمنع تكرار عرضها، وبدورها ، اعربت هيئة الاتصالات عن املها بان تحذو جميع المؤسسات الاعلامية حذو الشرقية وتمنع ظهور اي مشاهد تخالف الذوق العام ومدونات السلوك المهني ، في الوقت الذي دافع فيه بعض الفنانين عن تلك الاعمال لأنها تعكس الصورة الحقيقية للمجتمع ، بينما انتقد عدد من المثقفين تدني مستوى الدراما العراقية ..
نتاج سياسي
يرى الفنان جواد الشكرجي ان العالم تغير ولم نعد في زمن الحزب الواحد والقناة الواحدة ، كما ان دراما القرن الحادي والعشرين هي نتاج الوضع السياسي المضطرب في المنطقة بما فيها من خيانات وعمالة وتبعية للاجنبي ..وعلى الرغم من تجاوز بعض الاعمال الدرامية للخطوط الحمر واحتوائها على اخطاء جسيمة الا ان هذا لايمنح المشاهدين حق انتقادها بقسوة قبل انتهاء عرضها ..
اما حارث لطيف المتخصص في مجال الاخراج فيرى انه كان من الأجدى لقناة الشرقية ومؤلف مسلسل ( الفندق) - الذي حاز على الحصة الاكبر من الانتقادات – ان يصدرا بيانا قبل بث العمل ينص على ان العمل ينقل وينقد بعض الظواهر السلبية في المجتمع والحل لعلاجها وتحديد الفئة العمرية المؤهلة لمشاهدته تحسبا لهذا اللغط الحاصل حاليا ، مؤكدا على اننا نجيز لانفسنا مشاهدة سلبيات المجتمعات الاخرى من خلال اعمالهم الدرامية سواء العربية او غيرها ويجب الكشف عن سلبيات مجتمعنا كذلك طمعا في علاجها وتصحيحها وليس لاهداف تخريبية وتهديمية لذا علينا ان ننتظر اتمام العمل عسى ان يحقق هذا الهدف .
من جهتها ، تنتقد الدكتورة نداء الكعبي مسؤولة منظمة المراة العراقية الفنانات العراقيات اللواتي شاركن في اعمال عربية مشتركة لأنهن جسدن صورة المراة العراقية بشكل يسيء اليها ، فالفنان سفير بلده ينقل رسالته ويمثله في جميع المحافل ، من هنا كان على فناناتنا الا يقبلن بأدوار كهذه ويحملن الوطن امانة ومسؤولية في ضمائرهن ، كما ان الفنان يتحمل جزءا كبيرا من مسؤولية وحرية الاختيار لهكذا اعمال مع مراعاة الظروف الاقتصادية التي يمر بها اغلب العراقيين وليس الفنانين فقط ، اما الدولة فلا مجال لمناقشة دورها لأن الاهمال استفحل على كل مفاصل الحياة ولم يقتصر على المجال الفني والثقافي فيه فقط ..
في الوقت الذي يبرر فيه عقيل العلاق / مدير عام متقاعد سلوك الفنانات بقوله ان مفاهيم الدولة لاتزال قاصرة بالنسبة للفن والفنانين ، فالفنان يتعب ليوفر لقمة العيش لعائلته والعوز لايصمد امام المغريات ، ولو انصفت الدولة الفنانين بقوانين تضمن العيش الكريم فمن حقنا ان ننتقدهم ونحاسبهم أيضا ..
رسالة اجتماعية
اما الكاتب الدكتور شاكر كتاب فيرى ان الدراما صورة من الواقع لكنها تشكل الواقع وتؤثر في بنيانه الاخلاقي والسلوكي بصورة عامة وتصبغه بالوانها ، من هنا يتجه المثقف الواعي والوطني والكاتب المسؤول الى ابداع فني ذي رسالة اجتماعية بناءة اضافة الى مراعاة دقيقة للشروط الفنية ..ولكن ، ومن جهة اخرى فان الدراما - وبما انها بنت المجتمع وثقافته – فهي تعكس حقائقه القائمة لذا فان النقاد والمحللين وعلى الاخص اصحاب مدرسة النقد الاجتماعي والانثروبولوجي يجدون في الدراما كما في باقي النصوص الادبية مادتهم الغنية للبحث والدراسة ، ومن هنا ، فان الازمنة السياسية تصبغ المراحل الاجتماعية بطابعها الايجابي البناء او السلبي والتخريبي وهذا هو التلازم بين الطرفين : الادب والمجتمع من جهة والسياسة من جهة ثانية ...
بينما يرى الكاتب حسين القاصد ان بعض القنوات الفضائية تستغل فرصة اجتماع العوائل العراقية واقترابها من الشاشة في شهر رمضان لتمارس الاستغلال وتضخ سمومها بعسل النكتة والاغاني الهابطة لتمرر شيئا من سياستها التي تصل الى السخرية من الجنوب وقيمه وتقاليده الاجتماعية والثقافية لذلك شاهدنا في هذا العام اعمالا تحوي حوارات بذيئة ومشاهد غير لائقة بدعوى انها جزء من الواقع الذي نعيشه في العراق ،والغريب ان هذه البرامج والمسلسلات الموجهة سياسيا والمدفوعة الثمن تلاقي اعجابا من بعض الذين لايدركون اللعبة فنراهم يدافعون عنها ويقولون انها واقع يومي منتشر في بغداد ..ويطالب القاصد بعدم الترويج للاشياء السيئة بالوان وصور مشرقة لجعلها محببة فيكون ضحيتها جيل قلق خرج من مطاحن الحروب لينتظر ثقافة المواطنة لاثقافة الانحلال ../انتهى
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليغرام